المسؤولية الاجتماعية واخلاقيات الاعمال

مقدمة

مع التطور العلمي والتكنولوجي وانتقال المجتمعات إلى عصر المعرفة ازدادت أهمية الأعمال في المجتمع بشكل كبير وأصبح دورها فاعلاً على مختلف المستويات، وأخذت الأمم والشعوب تتبارى بمخترعاتها ومكتشفاتها ومدى قوة منظمات الأعمال فيها.  وهذا الأمر يتطلب وضع فلسفة وآليات عمل منظمات الأعمال ضمن إطار أخلاقي واجتماعي ينعكس إيجابياً على مختلف فئات المجتمع وأطرافه بحيث تصبح هذه المنظمات ممثلة لنسيج اجتماعي رابط لمكونات الأمة ويمثلها في المنافسة العالمية. وفي السنوات الأخيرة زاد الاهتمام بالحقول العلمية التي ترتبط بالأعمال وعلاقتها بالمجتمع وتبنيها لمسؤوليات اجتماعية وأخلاقية وكثرت البحوث والمساقات التي تدرس في الجامعات تحت مسميات مختلفة وتحت مظلة هذا الموضوع الحيوي. وفي عالمنا العربي يبدو لنا أن هناك نقصاً كبيراً في هذا الجانب سواء على صعيد البحوث والكتب أو على صعيد تدريس مساقات ذات علاقة بهذا الموضوع من جانب ومن جانب آخر بدأت بوادر الاهتمام الجدي بالموضوع والتي يمكن ملاحظتها من خلال توجهات الدول العربية والجامعات حيث الاهتمام بمواضيع النزاهة والشفافية والحاكمية وتأطير علاقة الأعمال بالحكومة وتطوير مدونات أخلاقية ودساتير مهنية.  كذلك بدأ اهتمام الجامعات جلياً بإدخال مساقات ذات مساس مباشر أو غير مباشر بهذه المواضيع الحيوية.

ويأتي كتابنا هذا في إطار تعزيز هذه الجهود خدمة لجامعاتنا ومنظمات الأعمال والمؤسسات الحكومية في بلادنا العربية.

لقد تم تقسيم هذا الكتاب إلى خمسة فصول رئيسية يشتمل كل منها على مجموعة من المباحث التي تغطي المواضيع المختلفة التي يتناولها الفصل.  

فقد كرس الفصل الأول لبيئة الأعمال الجديدة والمجتمع حيث تطرقنا إلى مفهوم الأعمال وأهميتها للمجتمع وأنواع النظم الاقتصادية وأهم الإشكالات الاجتماعية التي تواجهها وأبرزنا في نهاية الفصل أهم التحديات المعاصرة التي تواجه الأعمال في عالم اليوم .

أما الفصل الثاني فقد تناول موضوع المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال وقد عرفنا فيه مفهوم المسؤولية الاجتماعية في إطار تاريخي ومناهج دراستها واتجاهات البحث فيها ثم عرجنا على قياس الأداء الاجتماعي وبعد ذلك تناولنا المسؤولية الاجتماعية للشركات الدولية ووجدنا من المناسب أيضاً التطرق إلى حقل علمي مهم وهو محاسبة المسؤولية الاجتماعية والبيئية واختتمنا الفصل بنموذج مقترح يمكن أن تطوره أي منظمة أعمال ليصبح ملائماً للدور الاجتماعي الذي تتبناه في بيئة عملها.

أما الفصل الثالث فقد خصص لأخلاقيات الأعمال مبتدئين فيه بعرض مفهوم الأخلاق وتطور هذا المفهوم ومصادر الأخلاق في منظمات الأعمال ثم تطرقنا إلى الفلسفات الأخلاقية والإطار الأخلاقي الذي يحكم القرارات الإدارية المختلفة.  كما أننا وجدنا من المناسب عرض تصنيف عام للمشاكل الأخلاقية في الأعمال وكذلك استعراض لأخلاقيات المهنة والمدونات الأخلاقية ومن ثم الأخلاقيات وعلاقتها بثقافة المنظمة واختتمنا الفصل بمبحث حول العلاقة بين أخلاقيات الأعمال والمسؤولية الاجتماعية.

وفي الفصل الرابع تم التركيز على المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال في إطار أنشطة المنظمة والوظائف الإدارية حيث تم مناقشة المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال في أنشطة المنظمة وهي الإنتاج والعمليات والتسويق والموارد البشرية والإدارة المالية والمحاسبة والعلاقات العامة والبحث والتطوير والموارد المعلوماتية والمعرفية ثم تطرقنا إلى المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال في إطار الوظائف الإدارية وهي التخطيط والتنظيم والرقابة والتوجيه والإدارة الاستراتيجية واختتم الفصل بقائمة تدقيقية مقترحة مفصلة لاكتشاف مدى التزام المنظمة بمسؤوليتها الاجتماعية والأخلاقية.

وبالنسبة للفصل الخامس فقد جرى التطرق إلى مواضيع الفساد الإداري والشفافية والحاكمية باعتبارها ذات علاقة قوية بجوانب المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، حيث استعرضنا بالتفصيل المواضيع المتعلقة بالفساد الإداري وأهم مظاهره وأسبابه وآثاره المختلفة ومداخل معالجته وخصوصيته في المنظمات الحكومية .  بعد ذلك ثم التطرق إلى موضوع المساءلة والشفافية كمدخل  لمعالجة الفساد الإداري واختتمنا الفصل بعرض لمفهوم الحاكمية الشاملة كمنهج متكامل للإدارة الحديثة.

لقد بذلنا جهدنا في عرض هذه المواضيع متوخين تقديم فائدة للمجتمع والجامعات بشكل خاص ومنظمات الأعمال والمؤسسات الحكومية في عالم يتسم بسرعة التغير والإضافات النوعية الكثيرة في ميادين الأعمال سائلين الله العلي القدير أن يفيد به بلادنا مقدمين شكرنا لجامعتي الزيتونة الأردنية والبترا لتوفيرهما الظروف المناسبة والمصادر الكثيرة لإنجاز هذا الكتاب والله ولي التوفيق .

المؤلفان / عمان