النظم السياسية ومبادئ القانون الدستوري - دراسة مقارنة

مقدمة عامة

النظام السياسي معاصر لقيام المجتمع السياسي، وقديم قدم هذا المجتمع ولا بد لكل مجتمع سياسي  أياً كان نوعه من أن يخضع لنظام سياسي معين، يوضح نظام الحكم فيه وينظم بالتالي العلاقة بين الحاكم والمحكوم موفقاً في ذلك بين السلطة والحرية.

ثم إن كل مجتمع له مفاهيم خاصة به يستمدها من المؤثرات التاريخية التي عاشها، والدولية التي تحيط به، والاقتصادية التي يحياها، والاجتماعية التي يتفاعل معها، والدينية التي يؤمن بها، والفلسفية التي يعتنقها.

وبناء على ذلك فالنظام السياسي الذي يحكم أي مجتمع يستلهم في أحكامه وتنظيماته المفاهيم والأسس التي تقوم عليها الدولة كما تتعدد بالتالي نظم الحكم في الدول المختلفة تبعاً لاختلاف العوامل الاقتصادية والاجتماعية والظروف البيئية.

فالنظام السياسي الذي يصلح في بلد معين قد لا يصلح في بلد آخر في نفس الوقت، بل إنه قد لا يوافق أحياناً نفس البلد لو تغيرت ظروفها.

ولكي نفهم نظام الحكم في دولة معينة وفي وقت معين فإن ذلك يتطلب معرفة نظام الحكم في الدول الأخرى المعاصرة ما دامت نظم الحكم المعاصرة تؤثر في بعضها بعضاً.

ومن ناحية أخرى إن وجود الدولة يستلزم وجود قانون دستوري، ذلك أنه لا توجد جماعة بشرية على شيء من النظام بدون قواعد أساسية تبين نظام الحكم فيها سواء كانت تلك القواعد مدونة في دستور مكتوب أو وليدة سوابق عرفية مستقرة، لها في نفوس الجماعة إلزام القانون. وأمام تعدد الأنظمة السياسية لم يعد القانون الدستوري محصوراً في دراسة المبدأ الديموقراطي التقليدي وتطبيقاته في القانون الوضعي، بل أصبح يشمل دراسة النظم السياسية المعاصرة المختلفة ومشاكلها الدستورية العامة ويبين الحلول التي تأخذ بها كل منها.

وتختلف القواعد الدستوري اختلافاً متفاوتاً من دولة لأخرى ومن وقت لآخر، كما أن الإلمام المجرد بالقواعد الدستورية السائدة في دولة معينة لا يكفي بذاته للحكم على نظامها السياسي بل يجب فوق ذلك الإحاطة بكيفية تطبيقه في العمل.

ومن ناحية  أخرى فإن أيا كانت النصوص التي يتضمنها الدستور ومهما كان فيها من ضمان كبير للحريات وتحقيق للديموقراطية فلا بد من وجود رأي عام ناضج يعمل على حسن تطبيق نصوص الوثيقة الدستورية حتى لا تكون نصوصاً جوفاء بعيدة عن مجال التطبيق العملي.

  ثم إن الدساتير المكتوبة موجودة في أغلب دول العالم وهي متشابهة في نصوصها ورغم هذا التشابه فقد أدى تطبيقها إلى نتائج متباينة وفقاً لظروف كل دولة وأحوالها الاجتماعية والاقتصادية. ومن ناحية أخرى فإن قواعد القانون الدستوري يعود احترامها إلى مراقبة الأفراد للسلطة الحاكمة وهذا أمر مرهون يتوقف على درجة الوعي والنضج السياسي للشعب وهذا ليس متيسراً بقدر متساوٍ بين الشعوب مع أن النظم الدستورية الحديثة تفترض بلوغ المواطنين بأية دولة درجة معينة من الثقافة والوعي يعرفون من خلالها حقوقهم وواجباتهم.

  وسوف تتناول دراستنا للنظم السياسية ومبادئ القانون الدستوري ثلاثة أبواب على النحو التالي:

الباب الأول: ونخصصه للنظم السياسية.

الباب الثاني: ونوضح فيه مبادئ القانون الدستوري.

الباب الثالث: ونتناول فيه النظام الدستوري الأردني