الثقافة الجنسية للاشخاص ذوي الاعاقة

مقدمة الكتاب

من المعروف أن الأسرة تشكل الركيزة الأساسية لكل مجتمع ومن الطبيعي أن هذه الأسرة تضع نصب عينها عند إنشائها أن تبني مجتمعها الصغير على أساس قوي ومتين وتوفر له الإشباع النفسي والاجتماعي والمادي بالإضافة إلى الاستقرار الأمني، ويسعى الزوجان إلى تحقيق هذا الهدف بمختلف الوسائل، ودائماً ترسم هذه الأسرة صورة مثالية للمولود القادم وتسعى جاهدة كي يخرج إلى هذه الدنيا وقد وفرت له جميع سبل العيش الرغيد, وفي حالة عدم الإنجاب يشعر الزوجان بأن عالمهما لا قيمة له ولا معنى لأنهما يشعران بالدونية والنقص والاختلاف عن الآخرين، أما في حالة حدوث حمل وخاصة لأول مرة فإن هذه الأسرة تبدأ برسم تلك الصورة الجميلة لهذا الجنين من حيث شكله ولون عينيه ولون شعره وتبدأ برسم مخطط لتنشئته. وعند الولادة تختلف هذه الصورة قليلاً أو كثيراً، فكيف إذا كان الطفل المولود من ذوي الإعاقة، فستكون الضغوط النفسية الاجتماعية عليها شديدة وردود أفعالها متباينة ما بين الصدمة والإنكار ما يؤدي إلى تأزم العلاقات الأسرية وتبادل الاتهامات في بعض الأسر (فايز جابر (2003).

وعندما يكبر هذا الطفل إلى مرحلة المراهقة تزداد الأعباء والمشكلات المصاحبة للإعاقة بالإضافة لمشاكل النمو المعروفة في هذه المرحلة العمرية، فمن أهم تلك المشكلات (المشكلات الجنسية) والتي تحتاج الأسرة للتغلب عليها بطريقة آمنة وعلمية. إن برامج التربية الجنسية هي إحدى البرامج التربوية التي تهدف إلى إعداد الفرد للحياة ولكي ندرك مدى تغلغلها في حياتنا وتعمقها في شخصياتنا لا بد أن نجيب على هذا السؤال.

أليست التربية الجنسية تتساوى في الأهمية مع برامج التربية الأخلاقية والتربية الانفعالية والتربية الصحيحة, وهي البرامج التربوية التي تمثل معاً وحدة عضوية متماسكة والتي نقدمها ضمن البرامج التربوية والتعليمية لأبنائنا في منازلهم ومدارسهم؟ فلماذا في المقابل نغض الطرف ولا نقدم لهم برامج التربية الجنسية؟ ثم أليست هي امتداد للغريزة التي جبل الله عليها الناس جميعاً؟

ومن ثم اشارت الكاتبة لموضوع في غاية الاهمية الا وهو (زواج الاشخاص ذوي الاعاقة) لمدى اهمية هذا الموضوع, ولأنها قضية هامة تحتاج لثقافة اجتماعية شاملة, ولان الاشخاص من ذوي الاعاقة هم جزء من المجتمع ولابد من أن يأخذ حقه بالحياة الكريمة وان يتمتع بجميع حقوق الشخص العادي بما فيها (الزواج). وحيث تعتبر قضية زواج الاشخاص من ذوي الاعاقة من القضايا التي اثارت اهتمام الفقهاء المسلمين وفقهاء القانون ولأهمية هذا الموضوع وبسبب ما يترتب على الزواج من آثار سلبية باعتبار ان ذوي الاعاقة هو شخص عديم الارادة وان الزواج يرتب حقوق والتزامات لا يستطيع ذوي الاعاقة الالتزام بها, ولذلك فأن فقهاء الشريعة الاسلامية وفقهاء القانون قد اجازوا زواجه وفق شروط وضوابط  محددة راعوا فيها مصلحة الاشخاص من ذوي الاعاقة ومصلحة الطرف الاخر ومصلحة المجتمع, ومن ثم الاجابة على سؤال محير مجتمعاتنا العربية, هل يحق للأشخاص ذوي الاعاقة الزواج والإنجاب وبناء أسرة؟

وتأكد الكاتبة في هذا الكتاب المسؤولية كبيرة اتي تقع على المتخصصين بتوعية المجتمعات بأهمية زواج الاشخاص ذوي الإعاقة وتقديم الخدمة الإرشادية قبل وأثناء وبعد الزواج لمساعدة الشخص ذوي الاعاقة على تحقيق التوافق والاستقرار والسعادة. ولنجاح قضية زواج الاشخاص ذوي الاعاقة لا بد من ضرورة أن يعلم الآباء أبناءهم ذوي الاعاقة بما يناسب قدراتهم، والعمل على تربيتهم تربية جنسية سوية وتربية دينية معتدلة منذ نعومة أظفارهم.