انعدام الجنسية في القانون الدولي والتشريعات العربية - الاشكالية والحلول

المقدمة

يؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (15) منه على أن " لكل شخص الحق في أن تكون له جنسية " ولا يجوز أن يحرم إنسان من جنسيته بصورة تعسفية، ولا من الحق في تغييرها، وقد ضمّن هذا الحق ضمن الحقوق الأساسية، كالحق في الحياة، والحق في المساواة أمام القانون والحق بالحرية، وقد تأكد هذا الحق في العديد من المواثيق الدولية الأخرى، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ولكن وعلى الرغم من اعتراف عدة مواثيق دولية لحقوق الإنسان بالحق في الجنسية فإن ملايين البشر في جميع أنحاء العالم ليس لديهم جنسية، ويؤكد مسح أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه لا يخلو إقليم واحد في العالم من المشكلات التي تتعلق بانعدام الجنسية، ويشكل ذلك مشكلة كبيرة تشمل نحو (15) مليون شخص في كل دول العالم وأوضحت المفوضية أنه في كل (10) دقائق يولد طفلا عديم جنسية.^([1])

وتوجد مسببات لانعدام الجنسية منها ما يتعلق بتنازع القوانين بين الدول، والحرمان من الجنسية بالسحب أو بالإسقاط، والقوانين المتعلقة بالزواج المختلط، والتبني والتخلي عن الجنسية بهدف اكتساب جنسية جديدة، والأسباب المتعلقة بتوارث الدول، والتمييز العنصري، والافتقار إلى التسجيل المدني والصراعات والنزاعات وظروف عدم الاستقرار.

ويحجب انعدام الجنسية الأشخاص عن النظر، ويجعلهم عرضة لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان لما يرتبه من آثار سلبية تتمثل في عرقلة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد تصل الأمور إلى النزوح القسري، إذ أن حياة الفرد دون جنسية تتسبب في جملة من التعقيدات منذ الميلاد إذ لا يستطيع أن يسجل في السجلات الرسمية، ولا الالتحاق بالمدرسة أو العمل كبقية الأفراد حتى في حال وافتهم المنية فقد يتعرضون لامتهان الكرامة، والدفن في مقابر مجهولة دون إجراء أي تكريم لائق ومراسم رسمية.

وقد أدرك المجتمع الدولي حجم هذه المشكلة وقد تبنى معاهدتين بهذا الشأن هما اتفاقية (1954) بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية (1961) بشأن خفض حالات انعدام الجنسية، ورغم ذلك إلا أن الجهود المبذولة، وإن كانت قد نجحت نسبيا في حل هذه المعضلة إلا أنها لا تزال قائمة ولم يتم التوصل للحل الشامل.