الارشاد النفسي - النظرية والتطبيق

تقديم

يحتل موضوع الارشاد والعلاج النفسي أهمية قصوى في حياة الأفراد والجماعات  تبرز هذه الأهمية جراء التغيرات التي تمر بها حياة الكائن الانساني أهمها التغيرات النمائية والسيكولوجية والبيئية والاجتماعية كما أن للكوارث والحروب والازمات التي يتعرض لها الفرد أثرت تأثيراً كبيراً في حياته جعلت حياته تتسم بحالة من اليأس والاحباط والألم الذي تفقده المعنى الحقيقي لحياته وقيمتها، وجعلت منه كائناً مغترباً عن ذاته وقيمه وعالمه وعرضته للكثير من الاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية المختلفة.

وعلم الإرشاد والعلاج النفسي بموضوعاته وأساليبه وطرقه في مجالات الحياة المختفة من العلوم التي تسهم في تنمية القدرات والموارد الخاصة للأفراد لمواجهة الضغوط والاحداث الحياتية الصعبة والسعي إلى تحقيق حالة من التصالح مع الذات وتحقيق التوافق والتأقلم مع مجريات الحياة المختلفة .

وفي هذا المؤلف عرضنا عدداً من الموضوعات التي قد تسهم في مساعدة الأفراد المتخصصين والمهتمين والمربيين والأسر في زيادة معارفهم العلمية في مجال الإرشاد والعلاج النفسي كما سيضم عدداً من الكيفيات العملية التي ستسهم في تنمية المهارات الخاصة لهم.

لذا نأمل أن يكون هذا المُؤلف دليلاً توجيهياً وعملياً لكيفية تقديم خدمات الارشاد والعلاج النفسي في مجالات الحياة المختلفة, حيث تنتظم فصوله في تسلسل معرفي في شقيه النظرية والعملي ففي الفصل الأول سنتناول مفهوم الارشاد والعلاج النفسي والفرق بينهما وسنستعرض الأهمية والحاجة إلى تقديم خدمات الارشاد والعلاج النفسي, وكيف تطور علم الإرشاد النفسي وأصبح علماً مستقلاً بذاته, وماهي أهم اهدافه, وماهي العلوم المتصلة به، وماهي مناهجه العملية في تقديم خدمات الارشاد والعلاج النفسي.

وسيتناول الفصل الثاني أهم نظريات الارشاد والعلاج النفسي وسنعرض فيها الرواد المؤسسين وما المفاهيم النظرية لكل نظرية من نظريات الإرشاد والعلاج النفسي وماهي التقنيات العلاجية لكل مدخل نظري منها, وتمثلت هذه النظريات  بالنظرية التحليلية التقليدية والجديدة, النظرية السلوكية, والنظرية الذاتية أو العلاج المتمركز حول المسترشد، والنظرية المعرفية بمداخله المختلفة، والنظرية الجشتالتية، والنظرية الوجودية، واختتمنا هذا الفصل بالنظرية التكاملية ومداخلها المختلفة.

وأما الفصل الثالث فسنتناول فيه أهم وسائل جمع المعلومات, وأهداف كل وسيلة من تلك الوسائل وكيفية استخدامها في العملية الارشادية, كما سنعرض تقييماً شاملاً لكل وسيلة من الوسائل من خلال عرض نقاط القوة ونقاط الضعف لكل وسيلة من تلك الوسائل, حيث تمثلت هذه الوسائل بالملاحظة العلمية, والمقابلة الارشادية, الاختبارات المقاييس, دراسة الحالة.

وسنستعرض في الفصل الرابع أهم طرق ومجالات العملية الارشادية وتمثلت تلك الطرق في الإرشاد الفردي, الارشاد الجماعي, الارشاد الموجه, الارشاد غير الموجه, الارشاد الديني, الارشاد باللعب ، كما تمثلت مجالات الارشاد بأهم تلك المجالات المتصلة بحياة الأفراد كمجال الإرشاد التربوي, الإرشاد المهني, الإرشاد الأسري, وارشاد ذوي الاحتياجات الخاصة .

ونختتم فصول هذا الكتاب بالفصل الخامس والذي  سنستعرض فيه البرامج الإرشادية و كيفية بنائها والتخطيط لها وطرق تنفيذها، وسيتناول هذا الفصل أهم أعضاء فريق الارشاد النفسي في المدرسة ومعرفة كيفية تأهيلهم العلمي والعملي وأدوارهم ومسؤولياتهم الارشادية ضمن الفريق الارشادي المدرسي كالمرشد التربوي، الاخصائي النفسي, الاخصائي الاجتماعي المدرس المرشد, ومدير المدرسة, كما سنستعرض كيفية تخطيط البرنامج الإرشادي المدرسي ثم سنعرض تطبيقاً عملياً لثلاثاً من البرامج الإرشادية وتمثلت ببرنامج وجودي، وبرنامج معرفي سلوكي، وبرنامج تكاملي.

وفي الختام الله أسأل أن أكون قد وفقت في عرض هذه المعلومات والأفكار مما استطعت جمعه والإلمام به من العلوم المتصلة بميدان الارشاد النفسي والعلاج النفسي ومن خلال خبراتي العلمية والعملية في هذا الميدان .

وأرجو أن يكون هذا الكتاب فيه من النفع والفائدة لمن يقرأه أو يتتلمذ عليه, وأن يكون مدخلاً ودافعاً للباحثين  للاستزادة في ميدان الارشاد والعلاج النفسي.

وأخيراً أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا الجهد خالصاً لوجهه الكريم, وأن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا إنه ولي ذلك والقادر عليه ونعم المولى ونعم النصير.

والله ولي الهداية والتوفيق

المؤلف

طه ناجي العوبلي