ادارة الموارد البشرية

المقدمة

       تعد إدارة الموارد البشرية من أهم الإدارات الوظيفية في المنظمة وأكثرها حساسية كونها تتعامل مع أهم وأحرج عنصر من عناصر الانتاج وأكثر موارد المنظمة عرضة للتأثر بالتغيرات البيئية الداخلية، بيئة المنظمة، والتغيرات البيئية الخارجية، البيئة العامة والخاصة. ويتفق اغلب كتاب الإدارة بشكل عام والإدارات الوظيفية بشكل خاص بأن المنظمة بإدارة الموارد البشرية وعن طريقها تتمكن من إحراز الكثير من المزايا التنافسية التي تمكنها من مواجهة التحديات البيئية وضمان الاستمرار والبقاء. ورب سائل يسأل لماذا تلك الأهمية لإدارة الموارد البشرية؟ وكيف تعد وسيلة المنظمة الى التمايز التنافسي؟ والإجابة على هذه الأسئلة ترتبط بقوله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً )  صدق الله العظيم (سورة الكهف- آية 54)

       فإدارة الموارد البشرية تتعامل تخطيطا وتنظيما وتوجيها ورقابة مع الفرد في المنظمة الذي يتميز بحاجات ورغبات وقيم واتجاهات وسلوك قد لا يماثل فيه فرد آخر في بيئة عمله، او قد لا يملك الاستعداد لتغير ما يحمله من خصائص. لذا فإنها الإدارة التي تتعامل مع عنصر أو مورد يعتبر المحرك للنشاطات الأخرى في المنظمة من يسرف؟ أالفرد، ومن يحسب؟ أالفرد، ومن يستخدم الآلة؟ الإنسان ومن يمكن ان يكون جديا أو كسولا؟ الفرد. علاوة على ذلك فإن إدارة الموارد البشرية تمتلك مفاتيح نجاح المنظمة كونها تدير المورد البشري ذلك المورد غير قابل للتقليد من قبل المنظمات الأخرى المنافسة، فيمكن تقليد الآلة ويمكن تقليد أسلوب العمل، أو طريقة الانتاج، أو قناة التوزيع، ولكن لا يمكن تقليد المخلوق فخالقه واحد، تأسيسا على ذلك ولتلك الأهمية فقد وجهت وتوجه المنظمات جل اهتمامها إلى إدارة الموارد البشرية فهي تلك الإدارة التي ينصب عملها الأساسي حول الفرد العامل منذ لحظة البحث عنه في سوق العمل وحتى لحظة انتهاء علاقته بالمنظمة عن طريق التقاعد، أو الاستقالة، أو الفصل، أو إيقاف الخدمات، لا بل يذهب بعض الكتاب الى توسيع نشاط إدارة الموارد البشرية حتى بعد انتهاء علاقة الفرد بالمنظمة وذلك لإعادة تأهيله لاستلام وظائف في منظمات أخرى. وخلال عمله في المنظمة تتابع إدارة الموارد البشرية سلوكه وأدائه وتعمل على صيانة وجوده في المنظمة مستهدفة من ذلك الحفاظ على قوة عمل محفزة ومدفوعة للعمل وذات ولاء عالي.

       اعتماداً على الأهمية ولعدم توفر كتاب يتعامل مع إدارة الموارد البشرية بشمولية ويستخدم المداخل الاستراتيجية في توضيح مبادئها ووظائفها، قمنا بعون الله تعالى ورعايته بتأليف هذا الكتاب ليكون دليل ومرشد للمديرين في المنظمات وطلبة العلوم الإدارية (إدارة أعمال ومحاسبة وعلوم مالية ومصرفية) لفهم آلية التعامل مع إدارة العنصر البشري في المنظمات. استفدنا بإعداد هذا الكتاب من الإرث الفكري لمن سبقنا في هذا الحقل، لهذا تم استثمار جميع المراجع العلمية التي مكننا الله سبحانه وتعالى من الاطلاع عليها. كما استفدنا من تجربتنا الوظيفية كمدير للقوى العاملة، وأخيراً استثمرنا الملاحظات الجادة التي جادت بها أقلام خبراء التقييم لمؤلفاتنا السابقة (أساسيات التنظيم الصناعي، والتنظيم الصناعي: مفاهيم وإجراءات وحالات دراسية، والاقتصاد الإداري، والأساليب الكمية: مدخل لصناعة القرارات في إدارة الأعمال) وجميعها كتب منهجية تدرس في الجامعات العراقية والعربية.

       مع الأخذ بنظر الاعتبار كل ما ذكر فإننا نعتبر الكتاب الحالي بمواضيعه المتكاملة والجديدة، وأسلوبه البحثي الواضح، وشموليته وترابطه المنطقي محاولة جادة متواضعة في سبيل الوصول الى كتاب عربي في إدارة الموارد البشرية يرتقي إلى مستوى الكتب الأجنبية ويلبي حاجة التنمية البشرية التي يشهدها الوطن العربي.

       لتحقيق هدفه فقد تم ترتيب الكتاب باثني عشر فصلاً توزعت على محاور متعددة وعلى النحو الآتي:

1- الفصل الأول: استهدف ماهية ونشأة إدارة الموارد البشرية، حيث ناقش مراحل تطور إدارة الموارد البشرية ومفهومها وميزها عن إدارة الأفراد، ثم تطرق إلى وظائفها الأساسية.

2- الفصل الثاني: تناول الموقع التنظيمي للإدارة في هيكل المنظمة، وناقش أشكال التنظيم ومؤهلات مدير إدارة الموارد البشرية والوضع التنظيمي لهذه الإدارة في المنظمات العربية.

3- الفصل الثالث: تطرق الى تخطيط الموارد البشرية مفهوماً وأهمية وخطوات وأساليب كما بيّن علاقة تخطيط الموارد البشرية بالتخطيط العام في المنظمة، وأخيراً تناول الفصل مشاكل التخطيط للموارد البشرية.

4- الفصل الرابع: ركز الفصل على تحليل وتصميم العمل، إذ تناول المفهوم والأهمية، وناقش هيكل الوظائف في المنظمة وكيفية تصميمه ومكوناته.

5- الفصل الخامس: أجاب على السؤال: كيف يوظف الفرد في المنظمة؟ وفي إجابته السؤال تناول الفصل عمليات الاستقطاب والاختيار والتعيين والتي تشكل مكونات عملية التوظيف.

6- الفصل السادس: يتوقع الفرد عند ارتباطه بمنظمة معينة وتقديمه لجهده ووقته أن يحصل على تعويض مقابل ذلك. لذا فإن التعويضات المباشرة من حيث ماهيتها وارتباطها بتقييم الوظائف ومعايير توزيعها والمسائل المرتبطة بها كانت الهدف الأساسي لهذا الفصل.

7- الفصل السابع: يبحث أفراد المنظمة ليس عن الراتب أو الأجر أو التعويضات المالية فقط وإنما عن تعويضات معنوية كالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وضمان التقاعد وإصابات العمل.. الخ عدت هذه المزايا تعويضات غير مباشرة لعدم ارتباطها المباشر بالأداء وكانت هدف الفصل السابع.

8- الفصل الثامن: يرغب الفرد في المنظمة بمعرفة كيف يؤدي عمله ونقاط ضعفه. ومثل هذه المعرفة لا تتحقق الا من خلال عملية تسمى بعملية تقويم الأداء تناولها الفصل الثامن مفهوماً ومعاييراً ومراحل ومجالات الاستخدام، كما ركز على المشاكل التي تلازمها.

9- الفصل التاسع: إنسان اليوم ميال الى التطور ويبذل في تحقيق ذلك الكثير من الجهود الفردية، ولكنه يحتاج إلى دعم من المنظمة التي يعمل فيها، يتمثل دعم المنظمة بالتدريب الذي تمنحه فرصة لأفرادها العاملين. ولذا فإن هدف الفصل كان لتوضيح مفاهيم التدريب وتمييزها عن مفاهيم أخرى. كما ناقش الفصل مراحل العملية التدريبية وأساليب التدريب، وركز أخيراً على موضوع يسيء بعض الناس فهمه بقولهم بأن التدريب كلفه بدون عائد، أو ان عائده يظهر في المدى البعيد، فركز الفصل بمحوره الأخير على تخمين ورقابة كلف التدريب.

10- الفصل العاشر: تناول الفصل موضوع الحفز الإنساني محاولاً الإجابة على سؤال رئيس مفاده: كيف يمكن للمنظمة أن تحفز أفرادها العاملين لتحسين إنتاجيتهم؟ فناقش الفصل مفهوم الحفز وأهميته، والحفز والدافعية والسلوك، والنظريات الخاصة بالتحفيز وعلاقة الحفز بالإنتاجية.

11- الفصل الحادي عشر: تناول موضوع يندر تناوله، أو يغيب نهائياً من الكتب العربية الا وهو تحسين نوعية حياة العمل، يعد هذا الموضوع في الكتب الأجنبية نقطة التمييز الأولى. لذا حاول الكتاب الإلمام بأساسياته وإجراءاته والبرامج الخاصة بتحسين نوعية حياة العمل ومستلزمات تطبيقها.

12- محاسبة الموارد البشرية: يؤخذ على كتب إدارة الموارد البشرية بأنها تتكلم عن العائد من استخدام الموارد البشرية ولكنها تغفل جانب التكاليف. لذا تخصص هذا الفصل بمناقشة موضوع محاسبة الموارد البشرية من حيث الكلف والاستثمار مقترحاً نموذج لهذا النوع من المحاسبة.

       بهذه التشكيلة من المواضيع نعتقد بأن الكتاب يمتلك نظرة تكاملية الى موضوع إدارة الموارد البشرية كونه تعامل بمواضيعه مع الفرد والوظيفة والمنظمة والبيئة.

       تجدر الاشارة بأننا لا ننسى احتمال الخطأ او السهو او نقص المعرفة التي حاولنا جاهدين تجاوزها.

ومن الله التوفيق